الإشاعة

يقول الله تعالى فى كتابه العزيز : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق ‏بنبأ فتبينوا ...) و في قراءة أخرى ( فتثبتوا ). فالإشاعة: هي خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع و تُتداول بين العامة ظناً منهم على صحتها . دائماً ما تكون هذه الأخبار شيقة و مثيرة لفضول المجتمع والباحثين و تفتقر هذه الإشاعات عادةً إلى المصدر الموثوق الذي يحمل أدلة على صحة الأخبار . وتمثل هذه الشائعات جُزءاً كبيراً من المعلومات التي نتعامل معها . ودراسات متعددة في احصائيات متعددة أن 70% من تفاصيل المعلومة يسقط في حال تنقلنا من شخص إلى شخص حتى وصلنا الخامس أو السادس من متلقى المعلومة ! وهنا لابد أن نسأل أنفسنا بعض الأسئلة :- 1- ما الهدف من إطلاق الشائعات ؟ 2- ما هى أسباب إنتشار الشائعات ؟ 3- ما هى أنواع وتصنيف الشائعات ؟ ( شائعات زاحفة – شائعات العنف – شائعات غائصة ) . 4- ماهى الأخطار التى تأثر على المجتمعات ؟ 5- ماهى الأثار للشائعات على الروح المعنوية ؟ و أخيرا ...... 6- كيف نقاوم ونعالج ونسيطر على الشائعات ؟ ولقد عالج الإسلام قضية الإشاعة عن طريق ثلاث نقاط: ‏ أ‌- النقطة الأولى: التثبت. ‏ ب‌- النقطة الثانية: الناقل للإشاعة من الفاسقين. ‏ ت‌- النقطة الثالثة: التفكر في عواقب الإشاعة. ‏ و إليك تفصيل تلك النقاط: ‏ أ - النقطة الأولى: التثبت: ‏ يقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق ‏بنبأ فتبينوا ...) و في قراءة أخرى ( فتثبتوا ). ‏ فأمر الله بالتبين و التثبت، لأنه لا يحل للمسلم أن يبث ‏خبرا دون أن يكون متأكدا من صحته. ‏ و التثبت له طرق كثيرة؛ فمنها : ‏ أ- إرجاع الأمر لأهل الاختصاص: ‏ يقول الله تعالى: ( و إذا جاءهم أمر من الأمن أو ‏الخوف أذاعوا به و لو ردوه إلى الرسول وإلى أولي ‏الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ). ‏ فإن رأوا في إذاعته مصلحة و نشاطا للمؤمنين و ‏سرورا لهم و تحرزا من أعدائهم : فعلوا ذلك. ‏ ب- التفكر في محتوى الإشاعة: ‏ إن كثير من المسلمين لا يفكر في مضمون الإشاعة ‏الذي قد يحمل في طياته كذب تلك الإشاعة، بل تراه ‏يستسلم لها و ينقاد لها و كأنها من المسلمات. ‏ و لو أعطينا أنفسنا و لو للحظات في التفكر في تلك ‏الإشاعات لما انتشرت إشاعة أبدا. ‏ لقد بين الله حال المؤمنين الذين تكلموا في حادثة الإفك ‏فقال سبحانه: ( إذ تلقونه بألسنتكم و تقولون بأفواهكم ما ‏ليس به علم ). ‏ انظر يا أخي: ‏ ‏( إذ تلقونه بألسنتكم ) أنه من البديهي أن الإنسان يتلقى ‏الأخبار بسمعه لا بلسانه ، و لكن أولئك النفر من ‏الصحابة لم يستعملوا التفكير، لم يمروا ذلك الخبر على ‏عقولهم ليتدبرا فيه، بل قال الله عنهم أنهم يتلقون حادثة ‏الإفك بألسنتهم ثم يتكلمون بها بأفواههم من شدة ‏سرعتهم في نقل الخبر و عدم التفكر فيه. ‏ ب‌- النقطة الثانية: الناقل للإشاعة من الفاسقين. ‏ في الآية السابقة يقول الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا ‏إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ...) فجعل الله من نقل ‏الخبر دون تثبت من الفاسقين. ‏ فمجرد نقل الأخبار دون التأكد من صحتها موجب ‏للفسق؛ و ذلك لان هذه الأخبار ليس كلها صحيح، بل ‏فيها الصحيح و الكاذب، فكان من نقل كل خبر و ‏أشاعه؛ داخل في نقل الكذب، لذا جعله الله من الفاسقين. ‏ و قد صرح النبي بذلك ففي صحيح مسلم : ( كفى ‏بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ). ‏ فالعاقل يعلم أنه ليس كل ما يسمع يقال. ‏ و لا كل ما يعلم يصلح للإشاعة و النشر. ‏ ث‌- النقطة الثالثة: التفكر في عواقب الإشاعة. ‏ و عودة مرة ثالثة للآية السابقة في سورة الحجرات ‏يقول الله تعالى: ( أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا ‏على ما فعلتم نادمين ) ‏ هلا تفكرت في نتائج الإشاعة. ‏ هلا تدبرت في عواقبها. ‏ إعلم أخي: ‏ إن كل خسارة، كل هم و غم أصاب أخاك المسلم، كل ‏أموال أهدرت بسبب إشاعتك التي نشرتها أو ساعدت ‏في نشرها فلك نصيب من الإثم فيها. ‏ و يظهر الندم في الدنيا لمن تفكر في عاقبة نشر ‏الإشاعة، و يظهر في الآخرة للغافلين عندما يجدون ‏الجبال من السيئات كتبت عليهم ( و تحسبونه هينا و ‏هو عند الله عظيم ).‏ علاج الشائعات للحكومة والأفراد حلول لمواجهة خطر الشائعات سواء ‏النفسية أو الحسية :‏ المنطقية في التعامل مع الأخبار .‏ التأكد من المصدر خصوصاً مع الأخبار الحساسة و ‏المهمة .‏ التوعية ,‏ ‏ ومحاربة الصفحات و المنتديات التي تنشر ( تنسخ ‏وتلصق ) أخبار بلا مصادر.‏ الشفافية و النزاهة في تناول الأحداث بما يضيق الخناق ‏على مروجي الاشعات و الاصطياد في الماء العكر السيطرة على الشائعات بوجه عام فإن النقاط والقواعد التالية التي تقوم في ‏الواقع على ملاحظات فنية يمكن الاسترشاد بها في ‏السيطرة على الشائعات، وسيجد الذين يحاولون ‏محاربة الشائعات فائدة كبيرة في اتباعها:‏ - الإيمان والثقة بالبلاغات الرسمية، إذ انه لو فقدت ‏الجماهير الثقة في هذه البلاغات فإن الشائعات تأخذ في ‏الإنتشار.‏ - عرض الحقائق على أوسع مدى، ويجب أن تستغل ‏الصحافة، والإذاعة والتليفزيون في تقديم أكثر ما يمكن ‏من الأنباء، مع حذف التفاصيل التي قد ينتفع منها ‏العدو. إن الناس تريد الحقائق فإذا لم يستطيعوا ‏الحصول عليها فإنهم يتقبلون الشائعات.‏ - الثقة في القادة والزعماء أمر جوهري في مقاومة ‏الشائعات، فقد يتحمل الناس الرقابة على النشر أو نقص ‏المعلومات، بل قد يحسون أن ما يسمعونه ليس إلا ‏أكاذيب غير صحيحة إذا ما كانت لديهم ثقة بقادتهم. ‏وفي مثل هذه لأحوال يكون لدى الناس الوعي الكافي ‏لإدراك أسباب نقص المعلومات التي لو نشرت قد تفيد ‏العدو.‏ - إن الملل والخمول ميدان خصب لخلق الشائعات ‏وترويجها، فالعقول الفارغة يمكن أن تمتلئ بالأكاذيب، ‏والأيدي المتعطلة تخلق ألسنة لاذعة. لذا فإن العمل ‏والإنتاج وشغل الناس بما يعود عليهم بالنفع يساعد إلى ‏حد كبير في مقاومة الشائعات.‏ - غالباً ما تكون الشائعات الهجومية المسمومة نتيجة ‏دعاية العدو، أما من يقوم بترويجها فهم أولئك الذين ‏يُعتبرون أعداء للوطن. ولذا فإن النجاح في كشف ‏دعاية العدو بطريقة سهلة واضحة ومحاربة مروج ‏الشائعات بكل وسيلة لهما دعامتان أساسيتان يرتكز ‏عليها تخطيط ‏ وصدق الله تبارك وتعالى إذ يقول ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ ‏الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 191] ويقول في آية أخرى ﴿ وَالْفِتْنَةُ ‏أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 217].‏ لذلك أصبحت الشائعات متفشية بصورة مخيفة ومرعبة ‏في المجتمعات من خلال دخولها دائرة التقنيات الحديثة ‏مواكبه بهذا النهج الجديد التطور التقني الذي يشهده ‏العالم تكنولوجياً.. وبالتالي تسري الشائعات سريعاً في ‏كل الأوساط بنشرها علي مواقع التواصل الاجتماعي ( ‏الفيس بوك، الواتساب، التويتر، الياهو ) المنتجة في ‏ظل (العولمة) ومن ثم تصبح الشائعة متداولة في ‏مجالس المدينة وكأنها حقيقة مسلم بها.. والشائعة تنتشر ‏بسرعة فائقة مما يجعلها تحدث شرخاً عميقاً يقوض ‏المجتمع ويخلق فوضي ضاربة الجذور.‏ إن الشائعات تلعب دوراً كبيراً في بعض الفواجع التي ‏تطل برأسها علي المجتمع.. فالشائعة دائماً ما يتناولها ‏لسان دنيء لا يمكن أن يكون معطراً بذكر الله سبحانه ‏وتعالي فتنعدم فيه الإنسانية والأخلاق وحكمة العقل ‏الراجح، ويفتقد للأحاسيس والمشاعر الإنسانية الصادقة ‏بعيداً عن تلفيق الكذب والافتراء علي الآخرين دون ‏وجه حق فالشائعة تنطلق بسرعة البرق فمن الصعوبة ‏بمكان تداركها أو حصرها في نطاق ضيق لأنها تبدر ‏من أشخاص لا وازع ديني لهم أو ضمائر وأكثر ‏المستفيدين من الشائعات الدجالون الذين يعتمدون ‏اعتماداً كلياً عليها في جذب الناس إليهم لممارسة الدجل ‏والشعوذة التي أصبح لهم فيها حسابات تواصلية ‏بالمواقع الالكترونية بغرض مواكبة آخر التطورات في ‏عالم النشء والشباب من الجنسين فالشائعة كالنار في ‏الهشيم يصعب إطفائها ﻓﻲ لحظتها و تترك آثارها ‏السالبة علي المدى القريب والبعيد معاً.. فهي تنجح في ‏إيقاع الناس في الفتنة.‏ ومن هنا أنصح من تطلق في حقه شائعة أن لا يحزن.. ‏فهي قد تكون بلاء وابتلاء لم يسلم منه حتى الأنبياء ﻓﻘﺪ ‏ﺍﺑﺘُﻠﻲ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ الذين صبروا حتى ظفروا.‏ أما لمن يألفون ويطلقون الشائعات فليتذكروا قول الله ‏سبحانه وتعالي : (والفتنة أشد من القتلُ) .. وما الشائعة ‏إلا فتنة.. وما بين الفتنة والقتل فارق كبير يتمثل ّفي أن ‏قتل الروح يقع ضرره علي نفس واحدة فيما نجد أن ‏الفتنة تهدم بنيان المجتمع المتماسك.. ويقول المولي عز ‏وجل في محكم تنزيله : (وما يلفظ من قول إلا لديه ‏رقيب عتيد).. كما أنه قال إن السمع والبصر والفؤاد ‏كل أولئك كان عنه مسؤولاً). في الوقت الذي أصبحت فيه وسائل التواصل ‏الاجتماعي إحدى الأدوات المهمة فيما يطلق عليه ‏الإعلام الاجتماعي أو الإعلام الجديد أو البديل بالنظر ‏لما تقوم به من دور متعدد الأبعاد، سياسي واجتماعي ‏وثقافي واجتماعي، فإنها تظل في الوقت ذاته حاملة أو ‏مروجة لأحد مصادر التهديد للأمن الوطني للدول ‏والمجتمعات، في ظل لجوء البعض إلى توظيفها بشكل ‏سيئ في نشر الشائعات والأكاذيب المغرضة. بل إن ‏الأمر اللافت للنظر أن الشائعة استفادت أكثر من أي ‏وقت مضى من وسائل الاتصال والتواصل الحديثة ‏مثلما يحدث في تداول الشائعات داخل أسواق المال ‏وغير ذلك عبر الرسائل الإلكترونية والهاتف المحمول، ‏حيث يمكن لشائعة أن تحدث انهياراً أو على الأقل ‏تراجعاً كبيراً في أداء البورصات أو انهياراً لأسهم ‏شركات بعينها في البورصة. انتشار هذه النوعية من الشائعات المغرضة يثير بدوره ‏العديد من التساؤلات، حول ماهية الشائعة؟ وطبيعة ‏تأثيرها على الأمن الوطني للدولة بمفهومه الشامل؟ ‏وطبيعة الدور الذي تقوم به وسائل التواصل الاجتماعي ‏في نشر الشائعات؟ وكيفية التصدي لمثل هذه ‏الشائعات؟. مفهوم الشائعات ودور وسائل التواصل الاجتماعي في ‏نشرها الشائعة هي مجرد "رسالة" سريعة الانتقال، الهدف ‏منها إحداث بلبلة أو فوضى لتحقيق أهداف في غالبها ‏تكون هدامة؛ لأنها تلعب على وتر تطلع الجمهور ‏لمعرفة الأخبار في محاولة لإحداث التأثير المستهدف ‏لمروجيها خاصة في أوقات الأزمات. وبحسب كتاب ‏سيكولوجية الشائعة ‏Psychology of Rumor‏ فإن ‏انتشار الشائعة يساوي أهمية الموضوع المتصل ‏بالشائعة مضروباً في مدى الغموض حوله، الأمر الذي ‏يعني أن الشائعة تكون أكثر انتشاراً كلما كان ‏الموضوع مهماً وكبيراً، ويشغل حيزاً من اهتمامات ‏الجمهور الذي يتطلع إلى معرفة أي أخبار حول هذا ‏الموضوع. والعكس تماماً يحدث إذا ما فقد الموضوع ‏أهميته أو كانت المعلومات حوله واضحة وغير محددة، ‏فإن الشائعة لن تجد من يبدي بها اهتماماً. ويعرف العلماء والباحثون في علم الاجتماع "الإشاعة" ‏بأنها خبر أو مجموعة من الأخبار الزائفة التي تنتشر ‏في المجتمع بشكل سريع وتداولها بين العامة ظناً منهم ‏في صحتها، ودائماً ما تكون هذه الأخبار شيقة ومثيرة. ‏وتفتقر هذه الإشاعة عادة إلى المصدر الموثوق الذي ‏يحمل أدلة على صحتها، وتهدف هذه الأخبار إلى ‏التأثير على الروح المعنوية والبلبلة وزرع بذور الشك، ‏وقد تكون هذه الإشاعة ذات طابع "عسكري أو سياسي ‏أو اقتصادي أو اجتماعي". وتعرف الإشاعة أيضاً بأنها "ترويج لخبر لا أساس له ‏من الواقع، وتعمد المبالغة أو التهويل والتشويه في ‏سرد خبر أو التغليف عليه بأسلوب مغاير بقصد التأثير ‏النفسي على الرأي العام المحلي أو العالمي لأهداف ‏اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو عسكرية". ويتفق ‏علماء النفس والمختصون والباحثون في هذا المجال ‏على أن الإشاعة تعد أحد أساليب الحرب النفسية، فقد ‏ورد في معظم كتب الحرب النفسية أن الإشاعة أسلوب ‏من أساليبها، أو هي وسيلة من أقوى وسائلها، مثلها في ‏ذلك مثل الدعاية وغسل الدماغ أو افتعال الفتن ‏والأزمات وغير ذلك من الأساليب الكثيرة. وعلى الرغم من أن الشائعة لا تعتبر من الظواهر ‏الحديثة في عالمنا المعاصر، كونها ظلت ملازمة ‏لتطور المجتمعات والدول على مر العصور، فإنها في ‏وقتنا الراهن باتت من أخطر الأسلحة التي تهدد ‏المجتمعات في قيمها ورموزها، لدرجة أن هناك من ‏يرون أن خطرها قد يفوق أحياناً أدوات القوة التي ‏تستخدم في الصراعات السياسية بين الدول؛ بل إن ‏بعض الدول تستخدمها كسلاح فتاك له مفعول كبير في ‏الحروب المعنوية أو النفسية التي تسبق تحرك الآلة ‏العسكرية؛ ولا يتوقف خطرها عند هذا الحدّ فحسب، بل ‏إن لها تداعيات اقتصادية ومجتمعية هائلة خاصة في ‏ظل ثورة المعلومات والتكنولوجيا. وتنتشر الشائعات وينشط مروجوها خلال "أوقات توقع ‏الخطر"، وهي أوقات الحروب والكوارث والفوضى؛ ‏لأن الناس يتوقعون حدوث الشر خلال هذه الأوقات، ‏وهذا هو سبب انتشار الشائعة لأن الناس، في هذا ‏التوقيت، حينما يسمعون أي معلومة يتناقلونها فيما ‏بينهم من دون التحقق من صحتها خوفاً منهم على ‏أبنائهم وممتلكاتهم. ومن الناحية النظرية كان من المتوقع أن تتراجع ‏الشائعات مع هذا الانتشار الرهيب لوسائل الاتصال، ‏حيث لم يبق هناك شيء مخفيّ. ولكن الواقع أن ‏الشائعات تتزايد باستمرار، بل تستفيد من وسائل ‏الاتصال العادية والإلكترونية في مزيد من الانتشار، ما ‏يعني سقوط رهانات كثير من الخبراء الذين كانوا ‏يعتقدون أن انتشار وسائل الاتصال والتقدم في ‏تكنولوجيا المعلومات سيؤدي إلى تراجع الشائعات، بل ‏إن اللافت للنظر أن الشائعة استفادت من وسائل ‏الاتصال مثلما يحدث في تداول الشائعات داخل أسواق ‏المال وفي التنافس بين الشركات الكبرى في مجال ‏المال والأعمال وأسواق البورصة.‏ لقد بات واضحاً أن انتشار الإشاعات بصورة واسعة ‏في المجتمعات هو إحدى سمات عصر الثورة ‏التكنولوجية وابتكار التقنيات الاتصالية الحديثة، لأن كل ‏شيء يدور في هذا العالم الافتراضي يتم التعامل معه ‏على أساس أنه معلومة بغض النظر عن صحته أو ‏خطئه، وإذا ما كانت مفيدة أو غير ذلك. كما أن ‏المعلومة لم يعد إنتاجها حكراً على جهة معينة أو ‏شخص محدد يمتهن إنتاج المعلومات كالصحفيين أو ‏المؤسسات الإعلامية وفقاً لمعايير محددة، فقد أصبح ‏بإمكان أي شخص يمتلك الوسيلة المناسبة وبعض ‏المهارات التقنية أن يكون بنفسه منتجاً وناشراً ‏للمعلومة. وفي ظل هذه الوفرة المعلوماتية ولمحدودية ‏مصادرها، فإن مشكلة شديدة التعقيد ظهرت حين أصبح ‏من الصعب على من يتلقى هذا الكم من المعلومات أن ‏يميز الصحيح من الخاطئ والجيد من الرديء، ‏والحقيقة من الإشاعة. والجانب الأخطر مما سبق أن هناك شواهد عدة تشير ‏إلى تحول الإعلام في بعض الأحيان إلى مربع ‏‏"الشائعة" بمعنى أن الإعلام يتخلى عن دوره الحقيقي ‏ليتداول وقائع وأحداثاً أقرب إلى الشائعات منها إلى ‏الأخبار، لدرجة انهارت معها الحدود الفاصلة بين فنون ‏حديثة مثل "الإعلان" و"الدعاية" من ناحية، والشائعات ‏من ناحية ثانية بحيث زالت المسافات وأصبح ‏‏"الإعلان" في بعض الأحوال نوعاً من الشائعات ‏المقننة، وكذلك تحوّلت فنون "الدعاية" إلى ممارسات ‏لنشر الشائعات التي يمكن أن تندرج ضمن مفهوم ‏‏"الشائعة". الخطير في الأمر أن الشائعات تنتشر هذه الأيام ‏بسهولة، ليس لتنامي مستخدمي وسائل التواصل ‏الاجتماعي فقط، وإنما لأن الأحداث والتطورات ‏المتصاعدة التي تشهدها المنطقة من حولنا تجعل من ‏الأكاذيب بيئة خصبة للنمو والتكاثر أيضاً، خاصة إذا ‏كانت هذه النوعية من الشائعات تستهدف رجال السياسة ‏والإعلام، والشائعات حول الأمراض والأوبئة، وغيرها ‏من القضايا التي لا تنفصل عن الأمور الحياتية لأفراد ‏المجتمع. ويمكن تصنيف الشائعات عبر وسائل التواصل ‏الاجتماعي من حيث أهداف نشرها إلى قسمين: أولهما ‏نشر شائعات مع سبق الإصرار والترصّد. وهي ‏المعلومات التي ينشرها أصحابها، وهم على يقين ‏ودراية تامة بكون هذه الأخبار عارية عن الصحة. ‏وعادة ما يكون لدى هؤلاء هدف أو غرض محدّد من ‏نشر هذه الأخبار بحسب نوع الخبر وطبيعته. فإما أن ‏يكون الغرض تجارياً بحتاً، يسعى إلى زيادة الإقبال ‏على منتج معين عن طريق استخدام الإشاعة كآليّة ‏تسويقية مبتكرة، أو لغرض التشويش أو الإساءة إلى ‏شركة أو شخص منافس عن طريق تحريف الحقائق. ‏في بعض الحالات يتمّ بناء مواقع كاملة، هدفها الأول ‏تسويقي، تُنسب لمجموعة هواة في ما هي في الأصل ‏من طرف الشركات المعنية بهذه المنتجات نفسها. ‏وهناك شائعات يتم نشرها عن قلة دراية وضعف خبرة، ‏وهذا النوع من الشائعات ينتشر بشكل عفوي غير ‏مقصود، سواء بسبب التسرّع في نشر الأخبار من دون ‏التحقق من مصادرها الأصليّة، أو عن طريق تحريف ‏الكلام الصادر عن المصدر الأصلي نتيجة التجزئة أو ‏الاقتباس المخلّ بالمعنى. مدى انتشار الشائعات ============ وعلى الرغم من فاعلية وسائل التواصل الاجتماعي ‏ودورها الإيجابي في نشر الأخبار وخدمة الجمهور، ‏فإنها تلعب دوراً سلبياً موازياً في نشر الشائعات ‏والأخبار الكاذبة التي لا يمكن تصنيفها كشائعات، ‏ولكنها ربما تمتلك هي الأخرى تأثيرات سلبية تفوق ‏الشائعات وإن اختلفت عنها في نوايا مصدر ‏المعلومات. إذ تمثل وسائل التواصل الاجتماعي ‏بطبيعتها بيئة خصبة لتناقل الأخبار بغض النظر عن ‏صحتها كونها تعمل من كونها مواثيق شرف أو قواعد ‏أو معايير، ولا يخضع تناقل الأخبار فيها غالباً إلى أي ‏نوع من المساءلة القانونية. الشائعات وتأثيرها في الأمن الوطني للدول ‏والمجتمعات ‏ ويمكن تصنيف الشائعات عبر شبكات التواصل ‏الاجتماعي من حيث أهداف نشرها إلى قسمين: الأول ‏شائعات موجهة لهدف محدد، ينشرها أصحابها وهم ‏على يقين ودراية تامة بكون هذه الأخبار عارية عن ‏الصحة، وعادة ما يكون لديهم هدف أو غرض محدّد ‏من نشر هذه الأخبار بحسب نوع الخبر والمجال الذي ‏يقع في خانته، وهذا النوع من الشائعات ليس ‏بالضرورة أن يكون تأثيره سلبياً، فقد يأتي إما لغرض ‏تسويقي أو إعلاني، أي إن الشائعة هنا تقوم بوظيفة ما، ‏ويسعى مروجوها إلى تحقيق أهداف معينة من طرف ‏جهات محددة. أما النوع الثاني من الشائعات فهو الذي يفرز تداعيات ‏على الأمن الوطني للدول والمجتمعات، وفي الغالب ‏فإن هذه النوعية من الشائعات تتنوع مصادرها ‏وأهدافها، فقد تكون نتاج أشخاص أو جهات خارجية أو ‏شركات كبرى، وفي الغالب فإن دوافع وأهداف هذه ‏النوعية من الشائعات تتمثل في الآتي: ‏- زعزعة الاستقرار الداخلي للدول والمجتمعات، ‏خاصة إذا استهدفت هذه الشائعات رموز أو قيادات ‏دولة ما، أو تطرقت إلى قضايا ترتبط بالأمن المجتمعي ‏للمواطنين في دولة ما، هنا يظل تأثير الشائعة قائماً ‏ومستمراً لفترة ما، خصوصاً في زمن الاتصال السريع ‏والتواصل عبر الشبكات الاجتماعية والمعلومة الآنية ‏التي تنتشر انتشار النار في الهشيم. ‏- إثارة الفتن والخصومات وتعميق الخلافات القائمة ‏بين فئات المجتمع, والتي تعمل الشائعات على إيجادها ‏محاولة استغلال الظروف والمواسم والمناسبات ‏بغرض النيل من سمعة الشخص المقصود أو المساس ‏بمركزه الاجتماعي أو التعرض لمكانته. ‏- تهديد الأمن الاقتصادي للدول والشركات الكبرى، ‏من تركيز مروجي الشائعات على المنشآت الاقتصادية ‏والتجمعات العمالية وأسواق البورصة وغيرها من ‏السلع التي تلعب دوراً استراتيجياً في حياة الناس، ‏بقصد خلق كل ما من شأنه إعاقة سير الإنتاج والتنمية ‏الاقتصادية. الشائعات إحدى أدوات حروب الجيل الرابع تمثل الشائعات إحدى أدوات الحرب الحديثة، وتندرج ‏ضمن ما يسمى "الجيل الرابع" من الحروب، والذي ‏تعد فيه الإشاعة أحد الأساليب المهمة، وترويجها في ‏موضوع معين لا يتم بشكل عشوائي، وإنما قد تقوم ‏أجهزة معينة تابعة لبعض الدول بترويج بعض ‏الإشاعات عن قيادات دولة ما أو الوضع الاقتصادي ‏لدولة ما لتحقيق مجموعة من الأهداف التي تخدم الدولة ‏التي روجت هذه الإشاعة، وتأثير هذه النوعية من ‏الإشاعات قد يكون شديد الخطورة على جميع النواحي ‏سياسياً واقتصادياً، فقد يؤثر بالسلب على اقتصاد الدولة ‏ويسهم في إعلان إفلاسها، فضلاً عن الإشاعات ‏السياسية التي من الممكن أن تؤدى لتباين وجهات ‏النظر والاستقطاب في داخل هذه الدولة. وقد ظلت الحروب تدار بتكتيكات متعارف عليها خلال ‏عقود القرن العشرين، إلى أن حدثت عدة حوادث تنبه ‏لها «أندرو مارك» في مقالة شهيرة في عام 1975 ‏حول أسباب انتصار الدول الضعيفة على الدول القوية. ‏وكان يتحدث بشكل مباشر عن سبب هزيمة الولايات ‏المتحدة الأمريكية في حربها في فيتنام، وضرب أمثلة ‏متعددة من تاريخ صراعات كبرى تنتهي بانتصار ‏الأضعف مادياً وتسليحياً. وترك سؤالاً للاستراتيجيين، ‏وهو كيف تنجح الولايات المتحدة في علاج هذه ‏المعضلة؛ لأنها دائماً ما ستكون الأقوى عسكرياً ‏واقتصادياً وقد تنتهى إلى الهزيمة؟ هناك عوامل متعددة ‏ذكرها «أندرو مارك»، وكانت الأساس لما اصطلح ‏على تسميته «الحروب غير النمطية»، التي لا يكون ‏الحسم فيها لمن يملك قوة نيرانية أكبر. وإنما يكون الحسم فيها لمن هو على استعداد لمزيد من ‏المعاناة أو تحمل تكاليف أعلى، وعادة ما يكون ‏الأضعف أكثر استعداداً لتحمل الخسائر في الأرواح من ‏الأقوى الذي عادة ما يكون أكثر انفتاحاً وديمقراطية، ما ‏يجعل خسائره البشرية والمادية أداة ضغط عليه في ‏الداخل. كما أن الأضعف عادة ما تكون له ارتباطات ‏قوية بجهات أجنبية تكون صاحبة مصلحة في استمرار ‏الصراع، كما أن العقيدة القتالية في كثير من المعارك ‏تكون محدداً مهماً لثبات الأضعف. كيف تتصرف القوى الكبرى والحال كذلك؟ كيف تردع ‏قوة أضعف منها لا تخشى الهزيمة ولديها ميول ‏انتحارية؟ ما الفائدة لو كان السلاح الذي معك هو قنبلة ‏ذرية وأسرتك مخطوفة في كهف في جبل؟ وكانت ‏الإجابة هي أن نجعل العدو يقتل نفسه بنفسه. لماذا ‏أقتله، وهو يمكن أن ينتحر؟ لماذا أوحدّه ضدي، ‏وانقسامه في مصلحتي؟ لماذا أطلق عليه الرصاص ‏والقنابل، في حين أنني لو استثمرت واحد بالمئة مما ‏أنفقه على الإعلام الخبيث والشائعات المضرة لتمزَّق؟ ‏ومن هنا انطلقت الفكرة وبدأت وانتشرت. وتعتمد تكتيكات حروب الجيل الرابع في أغلبها على ‏حروب الدعاية والحروب السرية عبر أفراد وجماعات ‏مدربة لإحداث قلاقل واضطرابات، والعمليات ‏الإرهابية والتفجيرات وأنشطة التسلل والغزو الثقافي ‏ونشر الشائعات وغير ذلك من أنشطة تعبوية قائمة ‏على تدمير الروح المعنوية والتأثير نفسياً في الخصم. ‏ثم تطورت هذه الممارسات وأصبحت تشكل نظريات ‏لجيل جديد من الحروب التي تدور بين الدول، أو بين ‏الدول وجماعات والعكس، وتعتمد على كسر إرادة ‏الطرف الآخر وتحطيم معنوياته وإفشال مؤسسات ‏الدول وإحداث قدر هائل من الفوضى والارتباك ‏والذعر الداخلي بحيث يسمح ذلك بتدخلات خارجية ‏لتحقيق وتنفيذ مخططات معينة، أو استمرار هذه ‏الفوضى الداخلية لشغل الدول عن الخارج ودفعها إلى ‏الانكفاء على الذات والانشغال داخلياً بما يخدم أهداف ‏قوى إقليمية أو دولية. ‏ ويستند الجيل الرابع من الحروب على تشتيت الانتباه ‏والاتصالات التي تعمل على إزالة جبهة القتال تماماً، ‏والاكتفاء بالهجوم الثقافي اعتماداً على مقاتلين جدد ‏على هذه الجبهة المستحدثة عبر وسائل الإعلام مع شن ‏أعمال عنف مبرمجة بدقة لشل الإرادة والإرباك ثم ‏انهيار العدو السياسي، بدلاً من السعي إلى عمليات ‏قتالية حاسمة. ويتضح أن حروب الجيل الرابع تنطوي على متغير ‏حيوي، هو أن التهديد ينبع من الداخل بحيث يتم ‏توظيف عناصر وعوامل داخلية معينة لتوظيفها ‏وتحريكها عن طريق الشائعات وغيرها من أدوات من ‏أجل تحقيق أهداف هذه الحروب والقائمين عليها. ومن ‏هنا تنبع أهمية تعميق قيم الولاء والانتماء إلى الوطن، ‏وتبرز كذلك أهمية الالتفاف والتوحد والالتحام حول ‏راية الوطن وقيادته، كما تتضح كذلك خطورة ‏التنظيمات والجماعات عابرة الوطنية التي تتجاوز ‏الولاءات الوطنية والانتماءات الجغرافية للأرض ‏والمكان، حيث تصبح مثل هذه الجماعات أداة طيعة ‏يمكن توظيفها بسهولة في شن حروب ضد الأوطان من ‏الداخل. وفي عام 2009، انتشرت شائعات على وسائل ‏التواصل الاجتماعي تشير إلى تعرض ثلاثة من لاعبي ‏منتخب الإمارات للشباب لمرض أنفلونزا الخنازير، ‏وذلك في أوساط بطولة كأس العالم للشباب التي ‏استضافتها جمهورية مصر العربية. وتبين فيما بعد أن ‏مصدر هذه الشائعة صحفي عن طريق إحدى القنوات ‏الفضائية كان حاضراً أحد التمرينات. تأثير الشائعات في الأمن الوطني لدولة الإمارات ‏العربية المتحدة هذه النوعية من الشائعات التي استهدفت الإمارات ‏مؤخراً وخلال السنوات القليلة الماضية تمثل تهديداً ‏مباشراً للأمن الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة ‏في مفهومه الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي ‏والغذائي، وذلك على النحو الآتي: ‏-1إثارة الهلع والفزع في نفوس أفراد المجتمع، خاصة ‏أن هناك نوعية من الشائعات ترتبط بقضايا تمس الحياة ‏اليومية للمواطنين، تنتشر كالنار في الهشيم في وقت ‏قياسي بين أوساط المجتمع المختلفة، وتجد من يصدقها ‏ويضيف إليها، ما يجعلها أقرب إلى الخبر أو الواقعة. ‏-2التأثير في تماسك النظام السياسي، خاصة حينما ‏تتعلق الشائعة برموز الدولة، وقياداتها السياسية، فإن ‏تأثيرها يكون أقوى، ولاسيما إذا كانت هذه الرموز ‏تحظى بحب جارف من جانب الشعب بفئاته المختلفة، ‏كصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس ‏الدولة، حفظه الله. هنا يتعدى هدف الشائعة التأثير ‏النفسي والسيكولوجي إلى محاولة زعزعة الاستقرار ‏الذي تشهده الدولة على المستويات كافة، وربما هذا ‏الأمر يفسر الاستياء الشعبي غير المسبوق إزاء ‏الشائعات التي تستهدف رموز الدولة وقياداتها الرشيدة. ‏-3 محاولة زعزعة الأمن الاقتصادي للدولة، وذلك من ‏خلال بث معلومات مضللة عن أسواق المال ‏والبورصة، فهذه الشائعات تسبب خسارة كبيرة قد ‏تصل إلى ملايين الدراهم، كما أنها تضر بسمعة بعض ‏الشركات وقد تؤدي إلى انهيارها. وهذا يؤكد أن ‏الشائعات تستخدم كإحدى الأدوات في الحروب ‏الاقتصادية، ليس بين الشركات فقط، وإنما بين الدول ‏أيضاً، للإضرار اقتصادياً بالمنافسين ضمن الصراع ‏على نصيب من كعكة "التجارة الدولية" في سلعة ما، ‏أو الفوز بصفقة ما. ‏-4محاولات تشويه صورة الدولة أمام العالم الخارجي، ‏وذلك من خلال بث إشاعات مغرضة عن أوضاع ‏العمال الأجانب في الدولة، أو نشر معلومات مضللة ‏عن أوضاع حقوق الإنسان والحريات العامة في الدولة، ‏وإيصالها إلى المنظمات الدولية التي تستخدم هذه ‏المعلومات المشوهة (الإشاعات) في التقارير التي ‏تصدرها وتقيم فيها تطور حقوق الإنسان أو الحريات ‏في الدولة، ما يؤكد أن الإشاعات باتت أيضاً تستخدم ‏كأداة للضغط السياسي من خلال تشويه صورة الدولة ‏في الخارج. كيفية التعامل مع الشائعات واحتواء تأثيراتها نظراً لما تمثله الشائعات من خطر يهدد الأمن الوطني ‏لدولة الإمارات، فإن هناك ضرورة ملحة للتعامل ‏الفاعل والسريع مع أي شائعة، والعمل على وقف ‏انتشارها، وهذا يقتضي التحرك على المستويات الآتية:‏ ‏-1المستوى الرسمي، وذلك بصدور بيان من الجهة ‏المختصة، لتوضيح طبيعة هذه الشائعة(صادقة/كاذبة)، ‏فإذا كانت لها أساس ينبغي ضرورة توضيح ما تمثله ‏من خطورة على المجتمع واستقراره، وإن كانت كاذبة ‏ينبغي المسارعة بنفيها، ولعل مسارعة الفريق أول ‏سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، ‏نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى نفي الشائعات ‏المرتبطة بصحة رئيس الدولة خلال الأيام الماضية تقدم ‏نموذجاً لكيفية التعامل الحاسم مع مثل هذه الشائعات. ‏وهذا ينبغي أن يكون النهج الذي تتعامل به مختلف ‏مؤسسات الدولة الرسمية مع مختلف الشائعات، والرد ‏عليها بسرعة حتى لا تجد من يصدقها بين أفراد ‏المجتمع، ولذا فإن رد سموه على هذه الشائعة بلغة ‏قاطعة وواضحة يؤكد أموراً عدة، من بينها عمق ‏إدراك سموه لتأثيرات انتشار مثل هذه الشائعة عبر ‏وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يعد سموه من القادة ‏الذين يتعاملون مع وسائل التواصل الاجتماعي بانفتاح ‏وإدراك لحجم انتشارها وكونها باتت أحد أدوات ‏العصر الحديث وتقنياته الاتصالية، ومن الضروري ‏الانفتاح عليها وتوظيفها لمصلحة الوطن وتفادي ‏تأثيراتها السلبية. كما يؤكد هذا الرد أيضاً أن التصرف ‏بفاعلية وبشكل واضح مع الشائعات التي تنتشر عبر ‏وسائل التواصل الاجتماعي بات أمراً ضرورياً لوأدها، ‏ولذا فقد كانت تصريحات سموه في هذا الشأن نموذج ‏حقيقي للاشتباك الإيجابي مع الشائعات الضارة والقضاء ‏عليها في مهدها، حيث ضرب سموه بذلك القدوة والمثل ‏للمسؤولين في كيفية التعامل مع مثل هذه النوعية من ‏الأخبار وعدم تجاهلها أو انتظار انتهاء مفعولها؛ لأن ‏انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية قد ‏جعل من تبادل الأخبار وأحياناً الشائعات مادة مسلية ‏للكثيرين. ‏-2المستوى الشعبي، ويتعلق هذا الجانب بأفراد ‏المجتمع، إذ عليهم قبل ترويج أي خبر يأتي إليهم عبر ‏وسائل التواصل الاجتماعي أو هواتفهم الذكية ضرورة ‏العودة لمصادر الأخبار الرسمية في الدولة، وتوخي ‏الحيطة والتثبت في نقل المعلومات والأنباء، حتى يمكن ‏قطع الطريق على أولئك الذين يسعون إلى إثارة البلبلة ‏والفوضى في المجتمع. كما يتعين على أفراد المجتمع ‏أيضاً، أن يتعاملوا مع استخدام وسائل التواصل بحذر ‏ومسؤولية اجتماعية، وبوعي بخطورة تأثيرها السلبي، ‏لأن ما ينشرونه قد يحدث أضراراً بالغة بالمجتمع، أو ‏يسهم في استشراء بعض الأمور السلبية. والمؤكد أن ‏الولاء والانتماء في دولة الإمارات عاملان حيويان من ‏شأنهما الإسهام بفاعلية في الحد من آثار الشائعات ‏واحتوائها، ولكن يبدو أن جزءاً ما من تبادل هذه ‏الأخبار السلبية يعبر عن قلق ورغبة في معرفة الأنباء ‏فضلاً عن الميل الفطري للإنسان كي يضطلع بدور ‏إعلامي، وهذا الميل هو السبب المباشر في كثير من ‏الأحيان في رغبة البعض في لعب دور العالم ببواطن ‏الأمور، ولكن هذا الميل سرعان ما يتم وأده في حال ‏قامت الجهات الرسمية المعنية بتوضيح حقيقة أي أخبار ‏أو شائعات. ‏- 3المستوى الأمني، وذلك من خلال تشديد الجهات ‏المعنية على ملاحقة مروجي هذه الشائعات عبر وسائل ‏التواصل الاجتماعي وتقديمهم للمحاكمة؛ لأن ترك ‏مروجي الشائعات من دون ملاحقتهم قد يغري الآخرين ‏بإطلاق شائعات جديدة تهدد أمن المجتمع واستقراره. ‏ونلاحظ أن الإعلام الأمني في دولة الإمارات العربية ‏المتحدة يبلي بلاء حسناً في مجال التواصل الجماهيري ‏والتوعية بأهداف وبكل ما يحقق أمن المجتمع ‏واستقراره، ويمكن القول إن الإعلام الأمني في الدولة ‏يمثل نموذجاً في الوجود على الساحة الإعلامية ‏والجماهيرية. ‏-4المستوى التشريعي والقانوني، ويكون ذلك من خلال ‏الحزم في تطبيق أقصى العقوبات التي يقررها القانون ‏الإماراتي على مروجي الإشاعات، سواء بقصد أو من ‏دون قصد، لينالوا جزاءهم العادل جراء ما أقدموا ‏عليه، فوفقاً للقانون الإماراتي تعتبر الشائعات بلاغات ‏كاذبة، ويعاقب مروجوها بالسجن مدة تصل إلى عشر ‏سنوات، خاصة إذا تعلقت بأمن الدولة، وأضرت ‏بمصالح الوطن العليا، حيث نصت المادة (276) من ‏قانون العقوبات على أنه يعاقب بالحبس والغرامة أو ‏بإحدى هاتين العقوبتين كل من أبلغ كذباً أو بسوء نية، ‏السلطة القضائية أو الجهات الإدارية بارتكاب شخص ‏أمراً يستوجب عقوبته جنائياً أو مجازاته إدارياً . فيما ‏تعاقب المادة (275) من قانون العقوبات الاتحادي ‏صاحب البلاغ الكاذب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ‏وغرامة 3 آلاف درهم أو بإحدى العقوبتين . علاوة ‏على ما سبق، فإن المادة رقم (5) من قانون الجرائم ‏الإلكترونية لعام 2012، حددت عقوبة الحبس لمدة ‏تصل إلى عشر سنوات، وغرامة مالية تصل إلى ربع ‏مليون درهم، ضد كل من يقوم ـ إلكترونياً ـ بإطلاق ‏شائعات تمس أمن الدولة، أو الحياة الخاصة، ‏وخصوصاً أن أثر الشائعة قد يدفع المجني عليهم إلى ‏الانتحار أحياناً. ولعل التوعية بتجريم نشر الشائعات ‏يسهم كثيراً في الحد منها نظراً لإحساس البعض بعدم ‏خطورة تبادل ما يصل إليه عبر الهواتف الذكية ‏ووسائل التواصل الاجتماعي من شائعات أو أكاذيب. ‏5 -المستوى الديني والأخلاقي، وذلك من خلال مزيد ‏من التوعية الدينية لأفراد المجتمع، وذلك من منطلق ‏أن الشائعات أمر مناف لما جاء به الدين الإسلامي ‏جملة وتفصيلاً، لأن الدين يحرص على سلامة المجتمع ‏من كل ما يصيب أفراده من أخلاق فاسدة أو عقائد ‏باطلة أو سلوك سلبي، والشائعات حذر منها القرآن ‏الكريم في كثير من آياته، كما حذرت منها السنة ‏النبوية، حيث قال الله تعالى: "إن الذين جاؤوا بالإفك ‏عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم، بل هو خير لكم، لولا ‏إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا ‏بهتان عظيم، يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم ‏مؤمنين". وقال تعالى أيضاً "يا أيها الذين آمنوا إن ‏جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة ‏فتصبحوا على ما فعلتم نادمين". وقال النبي صلى الله ‏عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" ‏فنبّه إلى اللسان قبل اليد لأنه من المعروف أن ‏‏"جروحات السنام لها التئام ولا يلتئم ما جرح اللسان". ‏-6 المستوى الإعلامي، ولاسيما أن بعض المنافذ ‏الإعلامية تحول في الآونة الأخيرة من دون قصد إلى ‏مروج للشائعات، بتداولها معلومات غير موثقة. وهذا ‏يتطلب: أولاً ضرورة تدقيق وسائل الإعلام من صحة ‏المعلومات التي تنشرها وذلك من الجهات الرسمية، ‏وثانياً وضع استراتيجية إعلامية وقائية تستخدم وسائل ‏الإعلام كافة من أجل توعية أفراد المجتمع بمفهوم ‏الشائعات والظروف المرتبطة بنشأتها وتطورها ‏والمخاطر والآثار الناجمة عنها, وكيفية تحليلها للكشف ‏عما تتضمنه من أكاذيب ومغالطات. كما ينبغي بذل ‏مزيد من الجهود الإعلامية لتوعية الأفراد بشأن خطر ‏تناقل الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ‏يقوم كثيرون بتناقل ما يصل إليهم من دون تثبت ‏وإدراك لحجم انتشار هذا المحتوى وتأثيره السلبي، ‏سواء على صعيد إثارة البلبلة أو تحقيق أهداف الجهة ‏التي قامت بنشر هذا المحتوى للمرة الأولى. كما أن من ‏الضروري أيضاً تبني نهج إعلامي إيجابي مبادر، كما ‏فعل سمو ولي عهد أبوظبي حين قام بتكذيب الشائعات ‏فوراً، وبكلمات واضحة وصريحة؛ لإدراك سموه خطر ‏ترك مثل هذه الشائعات تفعل فعلها وسط الجمهور. تعيش مصر خلال الفترة الأخيرة حرب شائعات لا ‏مثيل لها، ما جعل هذه الظاهرة محل دراسات عدّة، ففي ‏البرلمان المصري تم تناولها، في برامج التوك شو ‏والفضائيات جرى التطرق إليها أيضاً. ولن ينتهي تناول هذه الظاهرة بالبحث والتحليل ‏والتدقيق وكشف الأسباب وطرح الحلول، في ظل ‏تنامي الشائعات واستمرارها في مصر. خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، ووفقاً لمركز المعلومات ‏ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، ‏شهد المجتمع المصري نحو 53 ألف شائعة، وفي يوم ‏واحد تم بث 118 شائعة مجهولة المصدر، بينما تم ‏خلال هذه الفترة بث أكثر من 700 شائعة تتعلق ‏بالجانب الحكومي، ومن أبرز الأمثلة على هذه ‏الشائعات العثور على جثة 35 طفلاً في منطقة ‏الشروق، استيراد أرز صيني بلاستيك، إضافة مادة ‏للخبز تسبب العقم للحد من الكثافة السكانية بمصر، ‏دخول الطلاب للمدارس بتذكرة يومية ثمنها جنيه ‏مصري، فرض 150 جنيهاً رسوم على دفن الموتي، ‏حذف عشوائي للمواطنين من بطاقات التموين، تأجيل ‏تطبيق التأمين الصحي، فرض رسوم إجبارية على ‏العمرة، زيادة أسعار تذاكر الطيران، إصدار ورقة ‏نقدية بـ500 جنيه، إلغاء إجازة يوم السبت، نقل حديقة ‏الحيوان بالجيزة للعاصمة الإدارية الجديدة، وغيرها من ‏الشائعات التي لا أساس لها من الصحة. وتقول الدكتورة إيمان عبد الله أستاذة الصحة النفسية ‏والظواهر الاجتماعية لـ"النهار" ان "الشائعة هي ‏الترويج لخبر لا أساس له من الواقع، أو المبالغة في ‏سرد خبر يحتوي على جزء ضئيل من الحقيقة، وقد ‏انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير في كل جوانب ‏الحياة، فهي مثل كرة الثلج التي تتدحرج وفي أثناء ‏تدحرجها يكبر حجمها، وتنتشر في الظروف الغامضة ‏التي تتضارب فيها المعلومات، وتقل الثقة في ‏مصادرها الرسمية، كما تنتشر في المجتمعات ‏المتشابهة في الثقافة والعقيدة والعادات والتقاليد وطرق ‏التفكير فنجدها منتشرة جداً في الريف، وقد ساعد على ‏انتشارها وسائل الاتصال الحديثة التي تجعلها تنتشر ‏على نطاق أوسع بين المجتمعات المختلفة، فيما يقل ‏انتشارها في المجتمعات التي تفرض عقوبات على ‏تداولها، وتنتشر بشكل كبير عندما تواكب ظروفاً ‏ممهدة لأزمة اقتصادية أو أحداثاً سياسية أو حرباً ‏عسكرية، وأيضاً ساعد على انتشارها محدودية اهتمام ‏الأشخاص بالتأكد من صحة الأخبار وزيادة كمية ‏المعلومات على السوشيال ميديا". ‏ وأضاف الرئيس السيسى "الخطر الحقيقى اللى بيمر ‏ببلادنا ومنطقتنا هو تفجير الدول من الداخل، عن ‏طريق الضغط، والشائعات، والأعمال الإرهابية، وفقد ‏الأمل، والإحساس بالإحباط، من أجل منظومة رهيبة ‏جدا، الهدف منها تحريك الناس لتدمير بلدهم". وبعد حديث الرئيس نوضح نوعيات الشائعات المتداولة ‏خلال الفترة الأخيرة وما تصنيفها وكيف يتم ترويجها ‏عبر المنافذ المختلفة أبرزها السوشيال ميديا لاسيما أنه ‏فى كثير من الأحيان تمس عديد من الموضوعات ‏الحيوية والمجالات المؤثرة فى حياة المصريين ‏كالصحة والتعليم والسلع التموينية والأمور المتعلقة ‏بالضرائب والأسعار عمومًا. أولا : الضرائب وزيادة الأسعار وشائعات إثارة ‏الغضب رغم أن برنامج الإصلاح الاقتصادى خطواته معلنة ‏منذ فترة طويلة ولها تواريخ محددة إلا أن الشائعات ‏حول زيادة أسعار منتجات أو فرض أنواع معينة من ‏الضرائب، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن هناك ‏شائعات انتشرت مثل فرض رسوم قدرها 150 جنيها ‏على دفن الموتى، إضافة فرض رسوم يومية على ‏الطلاب قدرها 1 جنيه من أجل دخول المدرسة. أيضًا ترددت شائعات عن اتجاه الحكومة لفرض سلسلة ‏ضرائب جديدة على المواطنين أبرزها ضريبة شهرية ‏على مستخدمى التليفون الآيفون وغيره، وعلى ‏المصريين بالخارج وعلى الودائع البنكية وكذلك حاملى ‏شهادة أمان للعمالة المؤقتة وعلى حسابات مواقع ‏التواصل الاجتماعى وأصحاب عربات الفول ‏بالشوارع، وهذا كله ما تم نفيه من قبل وزارة المالية. فى هذا الصدد، ترددت شائعات حول زيادة سعر ‏رغيف الخبز المدعم بعد زيادة أسعار المواد البترولية، ‏وهذا ما نفته وزارة التموين وأكدت أن الوزارة ملتزمة ‏بصرف رغيف الخبز للمواطنين على بطاقات الدعم ‏بخمسة قروش دون زيادة لأنه أصبح حقاً من حقوق ‏المواطنين ولا يمكن المساس به. وبعد الزيادة الأخيرة فى أسعار الكهرباء، تردد أنباء ‏بعدها بأيام مفادها وجود زيادات جديدة فى أسعار ‏فواتير استهلاك الكهرباء لكن الوزارة نفت هذا الأمر ‏جملة وتفصيلاً، مؤكدة أنه لا توجد أى زيادات جديدة أو ‏تعديل على أسعار الكهرباء المطبقة حالياً خلال العام ‏المالى الجارى والذى سينتهى 30 يوليو 2019 وهو ما ‏تم الإعلان عنه فى مؤتمر صحفى لوزير الكهرباء ‏والطاقة المتجددة. ثانيا : شائعات الإسكان واللعب بمشاعر الجماهير وفى السياق ذاته فإن هناك كثير من الشائعات تحيط ‏بوزارة الإسكان خلال الفترة الماضية فى ظل متابعة ‏قطاع عريض من المصريين لما تطرحه من وحدات ‏متعددة ومنها مثلاً تردد أنباء حول سماح الحكومة ‏بتحويل الوحدات السكنية إلى منافذ تجارية وإدارية ‏بالمدن الجديدة، وهذا ما تم نفيه تمامًا، كذلك ترددت ‏معلومات مغلوطة حول قيام الوزارة ببيع 46 فيلا فى ‏مرحلة الإنشاء حالياً بمركز مارينا العلمين السياحى ‏للأكابر، واتضح فيما بعد خطأ تلك الأحاديث وتم ‏التأكيد على أنه جار تنفيذ الفيلات وجميع الوحدات تطل ‏على البحر والبحيرات، ولم يتم طرحها للبيع حتى ‏الآن، سواء للأكابر أو لغيرهم. وفى إطار الحديث عن الشائعات المثارة حول الإسكان، ‏والتى غالبًا ما يكون هدفها التلاعب بمشاعر الجماهير ‏فقد تم ترديد أنباء فى 3 يونيو الماضى حول طرح ‏وزارة الإسكان حجز 60 ألف وحدة سكنية فى 26 ‏محافظة بمساحة 120م2 كاملة التشطيب، بمقدم 15 ‏ألف جنيه، وقسط شهرى 580 جنيهاً، بنظام التمليك، ‏ضمن الإعلان العاشر بمشروع الإسكان الاجتماعى، ‏وهذا ما نفته الوزارة مؤكدة أن الوزراء لم تطرح من ‏الأساس الإعلان العاشر بمشروع الإسكان الاجتماعى ‏حتى الآن وأنه بمجرد الانتهاء من التجهيز والإعداد له ‏سيتم الإعلان عنه من المصادر الرسمية.‏ ثالثا : شائعات إثارة الخوف والفزع وهناك نوعية أخرى من الشائعات يكون هدفها فى ‏الغالب إثارة الخوف والفزع بين المواطنين، ومما أبرز ‏الأكاذيب التى تم تداولها فى الفترة الأخيرة بيع صندوق ‏مصر السيادى لأصول وممتلكات الدولة، دون رقابة ‏عليه من جانب الأجهزة المعنية، رغم أن الحقيقة كما ‏أوضحتها الحكومة من أن الصندوق ‏ مملوك للدولة ‏ويتكون من أصول مثل الأراضى، أو الأسهم، أو ‏السندات، وهدفه الأساسى استغلال أصول مصر ‏الاستغلال الأمثل لتعظيم موارد الدولة والحفاظ عليها ‏خاصة أن هناك أصولا بمليارات غير مستغلة. كذلك ما أثير حول حادثة أطفال المريوطية الثلاثة ‏الذين وجدت جثثهم بالشارع بالأسبوعين الماضيين، ‏وهنا بدأت كثير من الشائعات والمعلومات المغلوطة ‏تنتشر عبر السوشيال ميديا ودارت الأحاديث حول ‏سرقة أعضائهم من قبل عصابة كبرى، مما نشر حالة ‏من الخوف بين أهالى المنطقة لكن بعد التحقيقات ‏والتحرى اتضح فيما بعد أن الجناة الحقيقيين هم الأم ‏وصديقتها وزجها وهم الذين ألقوهم فى الشارع بهم ‏بعد نشوب حريق فى الشقه ووفاتهم مختنقين تخلصوا ‏من الجثث بهذه الطريقة حتى لا يقعوا فى مساءلة ‏قانونية لاسيما أن الأطفال الثلاثة من آباء مختلفين ‏نتيجة زواج عرفى والأم تعمل فى احدى الملاهى ‏الليلة. وفى السياق نفسه، ترددت شائعة مفادها احتراق ‏حضانات الأطفال بمستشفى ناصر المركزى بمحافظة ‏بنى سويف، واتضح فيما بعد أن ما حدث عبارة عن ‏احتراق مصباح كهربائى فى قسم حضانات الأطفال ‏وتم التعامل معه فورا. رابعاً : وزارة الصحة وشائعات مثيرة لقلق وبما أن الصحة من أكثر القطاعات الخدمية تأثيرًا فإن ‏هناك كثير من الشائعات دارت حولها منها ما تردد عن ‏وجود قرارات تُفيد بتحميل المرضى زيادة سعر ‏جلسات الغسيل ‏الكلوى من 200 إلى 400 جنيه بسبب ‏ارتفاع المستلزمات والمحاليل الطبية المستخدمة، لكن ‏تم نفى تلك الأحاديث بشكل قاطع والتأكيد على أن ‏الدولة ستتحمل زيادة سعر جلسة الغسيل الكلوى- ‏للمرضى الذين يعالجون على نفقة الدولة وكذلك ‏مرضى التأمين الصحي- من 200 إلى 400 جنيهاً ‏برغم ارتفاع أسعار الفلاتر والمحاليل والأدوية. أيضًا من الشائعات المثيرة لقلق خلال الفترة الماضية ‏ما تردد عن انتقال عدوى فيروس الجلد العقدى الذى ‏يصيب الماشية للإنسان ونفت وزارة الصحة هذا ‏الأحاديث، مؤكدة عدم انتقال الفيروس للإنسان بأى ‏شكل من الأشكال، خصوصا أن الوزارة تقوم بحملات ‏مكثفة كل 6 أشهر لتحصين الماشية، بالإضافة لتشكيل ‏لجنة لمتابعة انتشار الفيروس فى المحافظات المصابة، ‏إضافة إلى تشكيل الوزارة لجنة لمتابعة لانتشار أى ‏فيروسات بالمحافظات. خامسًا : شائعات تستهدف قناة السويس قناة السويس تمتلك أهمية كبرى على كافة الجوانب ‏بالنسبة لمصر، وبناءً عليه فإنها هدف للشائعات وعلى ‏سبيل المثال فى الفترة الماضية تم تداول أخبار كاذبة ‏حول حدوث تصادم لـ 6 سفن فى قناة السويس مما ‏عطل المجرى الملاحى للقناة وهذا ما تم نفيه تمام، ‏إضافة إلى فبركة تصريحات لرئيس الهيئة الفريق ‏مهاب مميش.‏ أيضًا من الشائعات التى طالت قناة السويس مؤخرًا، ‏توجه الحكومة لاقتراض 5 مليارات دولار من الخارج ‏لرد أصول شهادات قناة السويس، لكن وزارة المالية ‏نفت تلك الأنباء جُملة وتُفصيلاً، مُؤكدةً أن الحكومة ‏المصرية جاهزة لسداد أصل تلك الشهادات المقدر بنحو ‏‏60 مليار جنيه والذى يحل موعده في سبتمبر 2019، ‏بعد مرور أجل الـ5 سنوات على إصدار تلك ‏الشهادات.‏ سادسا : شائعات التشكيك فى صلاحية طعام المصريين على نفس المنوال، انتشر فى الآونة الأخيرة كثير من ‏الأكاذيب والشائعات تشكك فى أطعمة المصريين سواء ‏كان نباتيًا أو حتى اللحوم والأسماك وغيرها من المواد ‏الغذائية الأخيرة، فمثلاً تم إطلاق شائعة حول طرح ‏وزارة التموين لأرز صينى مسرطن ومُصنع من ‏البلاستيك، كما تم إطلاق شائعة حول وجود بيض ‏بلاستيكي صيني خطير على صحّة الانسان في ‏الأسواق المصرية، كذلك انتشرت أكاذيب حول إصابة ‏الأسماك المصرية بفيروس "بلطي البحيرات"، أيضًا ‏ترددت أنباء تفيد بحظر استيراد الخضروات والفاكهة ‏المصرية فى دول الخليج لعدم مطابقتها للشروط ‏والمعايير لكن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضينفت ‏صحة تلك الأنباء، مؤكدة جودة وسلامة الخضروات ‏والفاكهة المصرية ومطابقتها لجميع المعايير ‏والاشتراطات الدولية المتفق عليه، كذلك نفت الوزارة ‏وجود حالات النفوق الجماعى للماشية.‏ بقلم اللواء د.طارق عمار

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Open chat
1
Hello
Can we help you?